Blog Posts

الضحية: بعض التأملات الأساسية.

أجد أنه من الصعب الحفاظ على التمييز الضروري بين الضحية في حد ذاتها وبين ما هو خارجها في الحوارات الدائرة حول ثقافة تفكير الضحية والنقد الموجه لها، لأن الثلاثة يقومون بالأفعال نفسها وبطرق متقاربة جداً، فالثلاثة يستدعون ضمنياً المركزية عند إعلانهم عن الظلم والمطالبة بالحقوق وما إلى هنالك من الحنق والاستياء من الواقع مع فارق أن الضحية الحقيقية تستدعيها غريزياً (أي بشكل غير واع) لترد عن نفسها الظلم الواقع عليها أو ربما تكون واعية لكن بدرجة أقل من تمكينها على

ولم أمت يا صبي

لم أكن أفعل أي شيء. في الحروب، في أيام العطل، لا أفعل شيئاً، لأنها ليست أوقاتاً مناسبة لفعل أي شيء. جلست أتمعن جدران الغرفة الباردة: أربعة جدران، سقف قريب وأرضية زلقة. صندوق مصمم بشكل محكم ومناسب حقاً للموت. ولكن الموت يحدث في مكان بعيد جداً. ومن بعيد، كل الأمور تبدو مختلفة. أطفأت النور واستلقيت. الاستلقاء في الظلام هو حقيقةً مثل تدريبٍ على النهاية. بقيت هكذا، ميتاً وبارداً، إلى أن ظهر صديق من شاشة الهاتف على شكل مآتة خائبة، عجوز ضخم

الفن ونفاد الصبر

الصبر. بهذه الصفة تحديداً يصبح كل منجز حياً، وأيضاً الوصول لأي هدف. الصبر هو الجزء السياسيّ من كل عمل وكل فكرة. بإمكان الجميع البدء دون جاهزية لأن الجهوزية أمر يدرك أثناء العملية لا قبلها، فليس ثمة من أحد يعرف قبل البدء كم هو جاهز لأي فعل، عمل، كتابة أو حب، لكن البدء ليس كافياً. الصبر هو ما يجعل من ظهور النتيجة أمراً ممكناً. رغم ذلك أريد الكتابة عن نفاد الصبر دون أن أنفي أيّاً مما سبق. قرأت عند بلانشو أن

عما إذا كانت اللغة هي المحدد الأخير في هوية النص؟

  ثمة رأي يجادل بحزم حول هوية الأدب، ويحدده حصراً باللغة المكتوبة فيها، وثمة آخر يتناول نقطتي إثنية الكاتب والبيئة التي يعالجها كعناصر إضافية لتحديد هوية النص. مما لا شك فيه أن الأغلبية تتفق حول اللغة كمحدد أساسي لهوية الأدب وبالتالي فإن المكتوب بالعربية هو أدب عربي وما هو مكتوب بالكردية هو أدب كردي بشكل حتمي بغض النظر عن المحتوى ومهما ابتعد المتن عن البيئة الثقافية للهويتين المذكورتين. بعد هذا التحديد الأولي، يمكننا الآن التحول إلى فتح احتمالات أوسع حول

(اللا-حدود) الفكر والأدب

في منشور سابق (حول الإبداع والنقد) أشار الدكتور خالد حسين إلى اختلاط الحدود بين النقد والفلسفة والأدب، وذكر عدة أسماء لفلاسفة ونقاد، وطبعاً أتفق معه تماماً حول هذه الأسماء وعلى وجه التحديد دريدا، باتاي، بلانشو .. ويمكننا إضافة العديد من الأسماء الفرنسية التي قال عنهم الفلاسفة الانكليز (جماعة اوكسفورد) أن هؤلاء أدباء وليسوا فلاسفة وطبعاً أغلب المشار إليهم قد كتبوا حقيقةً روايات (سارتر، دوبوفوار، باتاي، بلانشو…)، لكن لندع الإنكليز ونكاتهم ولأحاول فهم وتقديم وجهة نظر فلاسفة اللا-حدود أنفسهم حول الأمر،

بجوارك سقط الغريب

وقفت أمام مصطبة منزل عملاق، هناك رأيت رجلاً يجلس في سكون مهيب، كان يرتدي ملابس سوداء وأمامه مشروبٌ أسود، بالتأكيد، رجل يعاني من صعوبات في ربط الأفكار، لكنه خبّأ الأمر بشكل جيد، إما بالإنكار والاكتفاء بالمشروب اللعين الذي أمامه وإما في تقليص كل شيء إلى فكرة واحدة. لست أعرف أي الطريقين سلك هذا الرجل على وجه التحديد. تحت طاولته كان هناك كلب، كما حال أغلب اللوحات المرسومة لحكام العصور القديمة. المشهد غير مكتمل. لا بد من وجود امرأة. بالفعل وقفت

كلمات..كلمات

توجهت إلى المقهى في وقت مبكر من هذا الصباح، تمنيت ألا يكون هناك الكثير من الناس، أنا لا أحب الناس، ربما لهذا اليوم فقط، ربما للأبد. اخترت الجلوس إلى طاولة، ليس بعيداً عني، جلس اثنان، امرأة بفستان أحمر ورجل يضع فوق رأسه قبعة، كان بإمكاني الذهاب بعيداً، اختيار زاوية فارغة تماماً، لكن لأكتب أحتاج إلى سماع جملة، للبدء.    أستطيع الاستغناء عن الجميع، لمعظمنا القدرة على ذلك، لكن لدي رغبة في الكتابة، لا أستطيع منع نفسي عنها. في عزلة عن

لماذا الرواية الفلسفية؟

لست أنوي الحديث عن رواية سارتر ولا فلسفته، إنما أنوي النظر في النثر الفلسفي أو الرواية الفلسفية وأهمية هذا الأسلوب التجريدي من الكتابة، رغم أنني أرى حيوية في غثيان سارتر تفوق حيوية كثير من الروايات الحكائية، لكن بالعموم هي رواية فلسفية مثلها مثل روايات كامو وغيره من الأسماء التي أكررها دائماً. النقطة التي أريد توضيحها هي أن الكتب الفلسفية لا يقرأها الجميع وأغلبنا بالتأكيد لم يدرس الفلسفة ولكن بإمكاننا جميعاً الاستفادة من قراءة الرواية الفلسفية بشكلٍ كبير. الاستفادة ليست فقط

الثالثة قبل الشمس

”لا يمكنني تحمل سيرة حياة الأدباء، رغم أن الأدب ليس بهذا السوء“. هذا ما قاله لي صديق اتصل بي هذا الصباح ليطمئن علي، بعد أن رأى مصباح غرفتي مضاء لوقت متأخر على غير عادتي. أخبرته بأني احتجت إلى إجازة بعد عدة أشهر من العمل لساعاتٍ طويلة. أخبرني أنه يسمع في صوتي نفس خيبة الأمل التي يسمعها في صوت والدته، التي حين تشعر بالخيبة تتحدث بصوت غريب ولهجة حلبية مختلفة عن التي اعتاد سماعها منها، كما حالك الآن: ”تتحدثون حلبية مختلفة“.

هايدغر وبارت في معرض فني لل AI؟

بما أن الإعلان من الآن عن حدود الذكاء الاصطناعي تبدو خطوة متهورة، فكما نرى ما يزال هناك الكثير مما قد يصل إليه هذا الذكاء طالما أن ”التعلم الآلي“ في تقدم مستمر. والخوارزميات تتطور طامحة بأن تجعل من أي شيء موضوعاً لها. وكذلك لا ينبغي أن ننسى القفزات المفاجئة التي تحدث في عالم التك من حين إلى آخر، قفزات تحدث كما هو ملاحظ بشكل أسرع حتى من قانون مور الذي نصّ على تضاعف القدرات الحاسوبية كل ثمانية عشر شهراً، كل هذا

نحن والذكاء الاصطناعي

النقطة البديهية والمهمة بالنسبة لهذه التطبيقات ChatGPT وأمثالها أن لها جانباً اقتصادياً، سياسياً ونفسياً كما هو حال كل تطبيق ومنتج في العالم. في الحالة السياسية الخطر هو في أن يُمرر ايديولوجية وأفكاراً يرغب بإقناعنا بها مسؤولو التطبيق أو من يدفع لهم في إجاباته لنا. اقتصادياً سيكون مثل أي تطبيق آخر ربحه يأتي من مدى استخدامنا له. يهمه أن تبقى نشيطاً على التطبيق. قدر المستطاع. يعني مزيد من الوقت على الهاتف. ومثل الفيس واليوتيوب سيقدم لك أشياء تحبها. وتحب أن تعرف

صباحٌ كهذا..

استيقظت مبكراً هذا الصباح، كالمعتاد، قبل أن يطلق المنبه زعيقه،- أفضل أن استيقظ وأموت بقرارٍ داخلي، لا أمرٍ خارجي. شعرت اليوم بروحٍ متجددة، بحب. فضلت على أثره مغادرة المنزل باكراً، قبل ذلك الموعد الإلهي الصادر عن أرباب العمل. في المصعد قابلت جاري الذي خرج بدوره، أيضاً، مبكراً. سألني إن كنت أنوي مثله الانفصال عن المجتمع بالخروج قبل الآوان؟ ابتسمت، ابتسم عندما لا أفهم. أضاف: أريد الابتعاد بما فيه الكفاية. أن لا نخرج سوياً من مخادعنا هذا أقل ما يمكن فعله.

تمتمات الصمت

قرأت أنّ الصمت هو اسم الموت. لا أعرف لماذا ولكن عندما قرأت هذه العبارة فكرت، أو بشكلٍ أدق: ظننت، أنه هكذا في المرة الأولى. أما عندما يموت أناسٌ قد سبق لهم أن ماتوا بالفعل، أو هكذا بدوا وظنوا بدورهم، يصبح الأمر مختلفاً، ذاك الصمت الأبدي يصبح أكثر رعباً. يصبح صاخباً. تخرج الكلمات من تلقاء ذاتها. من الضحايا. من الناجين. يموت الصمت. تمتمات. لقد تخلى عنّا الرب. الرحمة يا رب. نوبات سعار يطلقها ذاك البعيد صوب الخير. صوب العالم. يخرج أحد

المشهد يبدو مرعباً. ليس تماماً. تمعن فيه. لنكشف عنه؟

 ”رأيت غير بعيد عن المكان/ الذي غلبني النوم فيه، نورا/ تغلّب على وجه الظلمة“  دانتي هناك موضوع لم يتبلور في ذهني بعد كيفية الدخول فيه. لكن أستطيع القول أنه عن قراءة الأعمال المأساوية. التي أحياناً تحتوي على جرعات تراجيدية أكثر مما تكون عليه التراجيديا عادة. السوداوية. التي يختلف وقعها في النفس من قارئ إلى آخر، منهم من يصل لحد القول أنه لم يستطع إتمام العمل الأدبي لما أحدث في داخله من كآبة، وظلمة. نفس العمل يكون وقعه مختلفاً على قارئ آخر. كيف يحدث

نصف صوت جهنمي

أحياناً، يراودني شعور مفاجئ بالندم، لا لشيء محدد. تندم هذا هو الأمر. دون أي سبب على الإطلاق. يستمر هذا الشعور لعدة أيام. وكثيراً ما أندم لأسباب أدركها، لذكرى تنغر روحي. إن أحببت أن أقدم بعضها، لأمكنني ذلك؟ نعم، فأنا أمشي في مناطق مفتوحة، لا بشر فيها، ليلاً ولساعاتٍ طويلة. هذا يعطيني وقتاً كبيراً لأتذكر. أشياء فعلتها. وأشياء لم أفعلها. أتذكر تلك الفتاة التي قلت لها في المدرسة، أمام التلاميذ: جدتي لا تستحم ولك نفس رائحتها. أشعر بالمرارة. أسرع الخطى. أرغب

‎مؤخرة الموقع

‎القائمة الجانبية المتحركة