اتصل بي ديفيد لينش، نعم بنفسه. بعد أربعة أشهر من وفاته، أخبرني بأنه ليس هناك من جحيم. للأسف، قلت، ألم يكفك ما عشت منه في خيالك؟ وكيف تقضي وقتك هناك يا سيد لينش؟. لا شيء، أجاب: فبعد أن حللت كل مخاوفي، لم يبق لي من شيء. أجلس هنا على كرسي مصنوع من الخيزران. أشرب البيرة وأدخن. أخبرته أنه على هذه الحالة سيموت مرة ثانية، وللسبب نفسه: التدخين. لقد دفعت الثمن، قال، في الحياة، تدفع ثمن مُتعك وثمن لذّاتك. لكن هنا لا خوف. ليس ثمة من ضرر، هنا تتخلص من كل فظاعات الحياة اليومية. هنا حصلت على الحياة العادية التي أردتها دوماً: دخان وبيرة. والموت كان رائعاً بشكلٍ فظيع إلى أن ظهرت تلك العاهرة في موتي على نحو مفاجئ. لقد كشطت عن العادي وجهه. إنه الحب، قلت. إنها تجلس هناك، قال، في مواجهتي تماماً. غير مبالية بي، غير مبالية على الإطلاق. مثل القطط، لا تبالي بشيء سوى تسوية شعرها. ولقد سألت عن أمرها، نصحوني بعدم المحاولة. قالوا إنها واحدة من اللواتي يمتلكن إحساساً نهائياً بالحرية الفردية. لقد اجتازت حرباً، وعبرت حدوداً، دون أن تستسلم. لكن الوحوش التي تبتلع كل شيء لاحقتها، وضغطوا عليها إلى أقصى حد، لم تستسلم لهم. أخذت حياتها بيدها، قطعت شرايينها، وبقيت مرمية على الأرض تنزف اثني عشر يوماً دون استسلام. لم تستسلم للحياة ولا للموت. وحين انتهى كل شيء، وجدوا إلى جانبها عبارة كتبت بالدم، تطلب فيها أن يكتب على شهادة قبرها: “أنا لا أستسلم لأي شيء”. وأنا أيضاً لا أستسلم، أردف لينش موضحاً موقفه من كل شيء. لكن كيف؟ سألته. أخبرني أن هذا هو سبب اتصاله بي تحديداً. أراد مني التوجه مباشرة إلى قبره. على الفور، قال. لأخذ النصب الخاص به، ووضعه لصق نصب سيدة المقاومة. وفيما انتهيت من النقل والتركيب. وجدت “الياسمين الليلي المتفتح” المنقوش على قبر لينش، يقدم نفسه للمقاومة التي لا تستسلم.