“حزن غير محتمل” – بيتر هاندكه

في جو من الحزن الشخصي من جهة الذات والمونديالي من جهة أخرى بحثت بين قائمة الكتب التي هي للقراءة مستقبلاً، عن عنوان ملائم لنفسيتي، وبما أن من طبيعتي دق الماء بالماء، اخترت كتاباً بعنوان ”حزن غير محتمل“ لبيتر هاندكه. قرأت الكثير من روايات هاندكه سابقاً. أحببتها رغم ذاتية ما يكتب ورغم سوء الترجمات. لكن هذه الرواية شيء مختلف. رواية تجعلك ترغب في أن تقدم لكاتبها نوبل أخرى – بالمناسبة لا أدري إن اعترض النقاد حينها على نيل هاندكه لنوبل بسبب

الضجر أدباً

من مدة تراودني فكرة. تتعزز في كل مرة اقرأ فيها أو أسمع بها أحدهم يتحدث عن أدب كافكا وبيكيت، وهي أن الأدب العظيم هو الأدب الذي حين تقرأه تشعر بالضجر – طبعاً، لا حاجة للتذكير أن هناك أدب ممل، فعلاً، ولا يجب قرأته، وهو ليس بأدب بأي حال من الأحوال – الأدب الذي أتحدث عنه هو الذي تشعر أمامه بأنك تتصفح أدب حقيقي، لكن تجد صعوبة في تتبعه وفهمه والاستمتاع به، وبذلك الاستمرار في قراءته. الأدب الذي يشعرك بأنه يعاني

فائقة الغبار

كانت قادمة من جنازة، جنازة كلبها الذي توفي عن عمرٍ طويل، جنازة لطيفة. ربما لن أحظى بمثلها، لكن ما المهم في أن أحظى بشيء أم لا بعد موتي؟ لم يكن لي من الحظ سوى القليل في الحياة. حظ الكلاب. لربما قد حظيت دون أن أدري أو أدري لكن أنكر، هكذا هو الانسان. لابد من الإشارة أن هناك أناس يعيشون في حالة مأساة حقيقية بما لا مجال فيه للشك. لا أدري، إن كنت واحداً منهم. لكن سأفترض كما قد يفعل أي

“فقهاء الظلام” – سليم بركات

تعتبر روايات سليم بركات مصدراً من مصادر  الإلهام للثقافة الشعبية الكردية.وكذلك أثارت أعماله خيال الكتّاب – من الكرد وغيرهم-. وهذا ما يجعل الاقتراب من أعماله ومحاولة تفسيرها أمراً ليس سهلاً  لما تحمله هذه الشخصية من رمزية أدبية، والأصعب من هذا، أن عمل سليم نفسه يحمل الكثير من التعقيد ما جعلني أشعر أمامه أني قليل ثقافة و غبي أحياناً أخرى. في كل فكرة كتبتها من هذه المادة وكل تفكيك لرمز من رموز وأحداث هذه الرواية ( فقهاء الظلام) كنت أتذكر دريدا

قفزة سريعة الزوال

مددت من النافذة رأسي فقط. فعلت ذلك بهدوء حتى لا أزعج نوم الآخرين الذين يسكنون في الغرف المجاورة. من النافذة، أمتلك إطلالة رائعة على ضواحي حلب، خارج لندن. كنت ألاحق المخدة التي تهرب مني في كل مرة أحاول فيها النوم. لا أدري، دائما هكذا تسير الأمور معي. أشياء تهرب، وأخرى تسبقني، وفي مرات كثيرة أضيع أنا من نفسي. أتذكر الوقت الذي عملت فيه مهندساً، عُينت في قسم البرمجة، كانت واحدة من تلك المراحل التي كنت أشعر فيها أنني شديد الغباء،

خارج الحياة بقليل

في وقتٍ سابق وبعيد، وجد ك نفسه في مباراة فردية للتنس. كانت اللعبة فردية لدرجة أنه كان اللاعب الوحيد فيها. لم تكن هناك كرات أو شباك، لكن التصفيق كان مسموعاً حتى قبل بداية اللعبة. أحب نفسه الموجودة على الطرف الآخر، وواجهها بكل حزم. خسر بعض النقاط وهو يفكر فيما إذا كانت الإذاعات والصحف ستتحدث عن المباراة في قسم الرياضة أم قسم الدراما. ازداد تصفيق الجمهور وهياجه بعد أن نصحه المدرب: ” حان وقت أن تقلب النتيجة “. شدّ على ساعده

الموت: يا سيد الحل!

هناك مرة حاولت فيها كتابة يومياتي. لكن عندما عدت إلى ما كتبت لاحقاً، وجدت أنه على الرغم من عدم ذكر أي وصف للمكان لكن لا يمكن لأحد أن يقرأها دون أن يتخيل أنه في مشفى. حيث كتبت بأن اليوم هو الاثنين، الكل يكره يوم الاثنين، لكن بالنسبة للشخصيات الموجودة في مذكرتي، هو يوم مثل أي يوم آخر، محاولة أخرى للبقاء حياً. أتابع، التقيت ك في الردهة. لم يسلم علي. سقطت عدة قطرات، ربما لم يقل لي مرحباً بسبب ذلك: لا

حفلة كبيرة

“أستطيع التحديق في الشمس دون أن أرى بصيص نور منها” دار الكلب عدّة مرات حول المكان ليؤكد للمارّة أن هذه الدائرة الصغيرة التي شكّلها أصبحت محجوزة له ولصاحبه -الموسيقي الأعمى- طيلة ساعات النهار وعند انتهائه من دورته السابعة توجه إلى جانب صاحبه، رفع ذيله وهزّه ليضرب به ساق العازف، معلناً بدء الحفلة الموسيقية. أخرج الرجل الكمان من حقيبته ببطء شديد كما لو أنه يتحضّر للعزف على أهم مسرح في العالم وينتظر أن تتناغم حركاته مع فتح الستارة.. انطلق بعزفه من

لا يوجد قارئ. أين هو؟ لماذا لم يُحدث الكتاب أثراً إلى الآن؟

لقد نشرت كتاباً، لكن لا يوجد قارئ. أين هو؟ لماذا لم يُحدث الكتاب أثراً إلى الآن؟ هناك طريقتان للكتابة. أولهما هو أن تكتب ما يفوق جموع الناس أو عكس فهم الجموع وهذا النوع من الكتابة التي توصف بالعبقرية وتحتاج إلى وقت طويل وأمد بعيد حتى يستقبل ويعطى قدره. الثاني هو أن تكتب ما يتناسب مع الجمهور أو حتى أقل منه وهذا النوع يمكن أن يطلق عليها الكتابة الموهوبة وهي سريعة الوصول وتحدث أثراً مباشراً، حيث يتمتع الكاتب هنا بمواهب عدة

عالم يخلو من الفراغ

“ إن الأشخاص لم يخدعوني قط، أما الرسائل فدائماً“ كافكا منذ السنة التي تحول فيها ك إلى العمل من المنزل- لخمسة أيام ويوم في المكتب، وإحساسه بالمكان، الغرفة، التي يجلس ويعمل فيها يضيق، وكأنها تأخذ بالتقلص. لذلك، بدأ في نقل الاغراض منها وكل يوم نجح فيه بالاستغناء عن شيء من الموجودات  ونقله إلى المستودع، شعر بأن إتمام اليوم أمر أكثر قبولاً، رغم أن الشعور نفسه لا يختفي ويظهر مجدداً بنفس القوة في الصباح التالي، لكن لا بأس، طالما أنه ليس

جدل مع مقالة “الفلسفة والعدمية”

يتحدث ماهر مسعود في مقاله ”الفلسفة والعدمية“ عن أن العدمية الأخطر ليست تلك التي تأتي من إدراك الإنسان لفوضى الطبيعة، وبالتالي فقدان المعنى، إنما من تلك المنظومات التي استغلت خوف الانسان من الفوضى لتقدم له ”حقيقة“ تسكن قلقه وكون هذه الحقيقة خارج الخبرة الانسانية، فهي تتعالى ليست فقط على التجربة البشرية، بل على العالم ذاته، وبذلك يشعر الإنسان أمامها أنه ادنى، أي أنه جوهرياً أقل قيمة من هذا الجوهر المتعالي ولا يملك أمامه إلا المثول لقواه وأوامره، وليس هنا مكمن الباعث

البحث عن صوت

المشي، أحياناً يكون طريقة للتخلص مما يؤرق الذهن، وكثيراً ما يكون طريقة لإنتاج فكرة جديدة، الحالتين تحملان راحة كبيرة، بمثابة خلاص للسيد ك، فهو واحد من هؤلاء الذين يرتاحون عندما تنتج أذهانهم فكرة، على الرغم من أن أفكاره، إلى الآن، لم تؤت بأي نتيجة مفيدة ليس له ولا للبشرية، لا بأس.. فهو بطبيعته ينزع إلى الأوهام. يدرك ك أنها أوهام، أحلام، أفكار رجل بائس.. لكنها منعشة له بكل الأحوال. هذا التخيل والخلط بين الواقع والخيال وكأنه نقاش بين العالم المعقول

نافذة جديدة

  دخل ك إلى غرفته الباهتة إلى حد خارق للمألوف في إحدى الفنادق المكسيكية. عائداً من كازينو خسر فيه كل ما جناه من تجارته بالمخدرات. بدا وجهه شاحباً كما لو أنه عبر من تلك الشوارع الخالية من كل شيء إلا القناصين.. في ذلك التجريد والعراء والعنف تخرج من الإنسان تلك النسخ المتخفية في جوفه، نسخ تخلق دونما جهد وفي طرفة عين. بدا كما لو أنه فرد قذر من عصابة وليس تاجراً، لم تعرفه كلابه، نبحت، وعضت بعضها البعض. مات ك

دوامة العتمة

”العازب ليس أنانياً، إنه فقط شخص لا قدرة له على تعذيب أحد“ . تظهر هذه العبارة على شاشة الموبايل، بينما أنا غارق في قراءة هنري ميلر. الذي عدت إليه بعد أن كنت قد حذفت كل كتبه من حاسوبي وذلك بعد سوء تفاهم بيننا. حيث تعرفت عليه من خلال أحد رواياته، التي وجدته فيها يكرر كلمة قضيب ثمانية عشر مرة في صفحتين. محطماً، بذلك عدد المرات التي يكرر فيها انكليزي، يلبس بيجاما في الشارع، هذه الكلمة في حديثه. قرأت أنه تلقى

سيلفي 2.0

أخبرتني جارتي “ر” الإيرلندية أنها قضت ليالي، في دبلن، حيث كان من الممكن أن تصادف إحدى تلك السهرات التي ينام فيها جميع الحاضرين تقريباً مع الجميع. أما اليوم فكما ترى، قالتها وهي تشير بيدها إلى ما تبقى من أصدقائها في منزلنا المشترك، نشرب أكثر مما سبق. ننتهي إلى أن يأخذ الجميع تقريباً صور سليفي مع الجميع ويتجه كل واحد منّا إلى فراشه منفرداً. أجبت أنه على الصعيد النفسي لا فرق كبير، فالسيلفي يرفع من نسبة الدوبامين في الجسد بنسبة أعلى

‎مؤخرة الموقع

‎القائمة الجانبية المتحركة