Blog Posts

في مقهى آنا

قضيت 61 يوماً متتالية في العمل، دون أي يوم عطلة. كنت أعمل 12 ساعة يومياً، بالإضافة إلى ساعتين أقضيهما في الطريق. كانت بطات قدماي تصرخان وأحياناً تقفزان من تلقاء أنفسهما إلى الأمام كما لو كانتا تحاولان الهرب مني، صحيح أني أطعم جسدي ولكن بطريقة ما كنت أطعنه أيضاً. أما قدماي فلم أكن أشعر بهما وكان الحذاء أكثر حقيقة من حقيقة وجود قدم بداخلها.  في اليوم 30 أصبحت أشعر أنني جزء جامد من المحل، مثل أي قطعة معروضة للبيع أو من

الأنفس المهشّمة

تعرّف شافيل على كلامنتين في السكن المشترك الذي يقيمان فيه مع عدة أشخاص آخرين، فقد تقابلا عدة مرات في طريقهما إلى الحمام ليلاً حيث أنّ كليهما يستيقظ بشكل متكرر في الليل لإفراغ مثانتهما كما لو أنهما يفرغان مشاعر الرعب بعد كوابيس مزعجة. اعتبرا أنّ هذا التشابه أمر كافي لبناء تواصل ما.. حيث نشأت في البداية بينهما صداقة عادية، ثم تطورت إلى صيغة من نوع آخر يسمى “صداقة مع فائدة”. كلامنتين شابة جميلة من ريف باريس ذات ملامح صارمة توحي بأنها

الهوة في التنظيرات الفلسفية

يعارض منظرو مابعد الحداثة في المجتمعات الشرقية، حاجة مجتمعات المنطقة إلى الحداثة وذلك بحجة أن العالم كله استخدم التلفزيون والهاتف والبرادات والكثير من الأدوات التقنية وذلك برأيهم كافٍ لنقول أننا عشنا الحداثة. اعتقد أن هذا الاعتراض غير صحيح لأن الاستهلاك هي سمة مابعد حداثية، وأيضاً حتى لو كان بإمكاننا القول /بشكل ساذج/ أن الذوات بكل مكان مابعد حداثية وذلك لما يتمتعون به من سمات هذا العصر من شراهة بالاستهلاك والعيش في العالم الافتراضي.. لكن هذه الطريقة بالعيش لا تعني اننا

أبواب النهر

بعد أن أغلقت البارات أبوابها، وأطفأت البيوت أنوارها، وبدأت الخفافيش جولاتها الإجرامية وذلك بتحويل الليل إلى جثة هامدة تهبط على أجساد الساهرين. كنت أسير بدون وجهة /بشكل أدق ربما مستسلماً لمسارات الطرق فبعد ان تصل إلى منتصف تاريخ صلاحية جسدك وتأخذ نصيبك الكامل بالحظ العاثر، تصبح محبطاً بشكل كافي لتفهم ان تعيش بدون وجهة/ على أحد جسور نهر التايمز، محني الاكتاف والرأس كما لو كنت في حالة توسل دائم. وصلت إلى هنا بعد أن حلمت خلال غفوة قصيرة بأنني أقود

العجوز والسبام

البحث عن عمل، سواء أكنت تعمل في الوقت الحالي ام لا، هو نشاط لابد منه لكل إنسان في العصر الحالي. لأنّ الوظائف غير ثابتة، فلا أحد يعلم اللحظة التي يمكن أنّ يطرد فيها، ولا اللحظة التي يمكن للمرء أن يختنق فيها من وظيفته لدرجة أن يخرج من الباب ويطلق قدميه للريح بحثاً عن هواء في مكانٍ آخر. وأيضاً هناك دائما احتمال انهيار الشركة، وهذه تعد موضة في أيامنا، حيث تختفي الشركات وكأنها لم توجد قط. خصص شافيل لهذا النشاط ثلاث

الشرفة

أزال الستار عن باب الشرفة ليَعبر إلى المسرح الخارجي للعالم، بعد أن ضاقت عليه فيونا، توأمه الحالي، ملجؤه الداخلي بمقاطعتها المتكررة لقرائته. عبر العتبة إلى الخارج.. فكّر شافيل أنّ كل خروج إلى العالم هو تجسيد للحظة الولادة. وقف على حافة الشرفة، نظر إلى الأسفل مذهولاً، وصرخ ها أنا هنا ورفع الكتاب وقال هذا عالمي..في الشارع، كان الناس يمشون وهم إمّا ينظرون إلى الأرض أو إلى الأفق دون تركيز في شيء على وجه الخصوص. في المدن الكبيرة، الجميع في عداد المفقودين. 

حلم عائم

وصل شافيل الى المنزل في وقت متأخر، وعندما يصل متأخراً، يجد صعوبة في النوم، لأن روتينه اليومي في الاسترخاء قبل النوم يصبح مستحيل التحقق، لينقذ ما يمكن انقاذه بدأ من الفقرة الأخيرة من روتينه وهي القراءة. في الصباح، عندما استيقظ شعر بألم على مقدمة رأسه وكأن أحدهم ضربه بعصا وهو نائم، سأل فيونا ان كانت قامت بذلك، أجابت بالنفي.  نهض من السرير، تفحص جسده الذي بدى سليماً، أومأ برأسه لفيونا بالرضا، كما لو كان يشير الى أنّه من الممكن احياناً

خراب غير مرئي

 المشهد في الخارج ثابت على مجازر في الطرقات، تقدم تقني سريع في السيلكون فالي، رصيد جيف بيزوس يتضاعف، غابات تحترق، وسحابة دخان تنتقل عبر الهواتف، وتحجب الحياة عن البشر. اما في الداخل، في الغرفة، كان شافيل يعيش حالة حمل عاطفي زائد. بدأت القصة عندما عاد الى منزله من العمل ليجد فيونا ـ الفتاة التي تعرف عليها في رحلته السابقة ـ  تنتظره في غرفة الجلوس بعد ان سمحت لها شريكته في المنزل بالدخول، توجهت اليه فيونا بقبلة طويلة كما لو انها

شاعر ينهار عند الحافة E

ـ كلامي واضح، الفحوص السريرية والمخبرية تؤكد انك لا تعاني من شيء. ـ لكن هذا غير ممكن. لا بد من وجود مشكلة في الفص الجبهي. ـ ارجوك اخرج. حدث هذا بعد ان نشر الشاعر قصيدة على الفيسبوك، فقرأها طبيب، من قائمة اصدقائه، وعلق على منشوره بأن لديه مشكلة في عقله ونصحه بمراجعة طبيب في أسرع وقت.  خرج الشاعر من العيادة حائراُ, وعندما وصل الى البيت اخبر زوجته بما قاله الطبيب الواقعي. بعد نقاش طويل..توصلا الى انه مريض لا محالة والطب

الحرية في علبة

كانت المحطة ذات اضاءة خافتة, ومسّورة بقضبان حديدية تشبه تلك المحيطة بالسجون. هكذا هي المحطات في الأرياف تعبر تماماً عن الحياة فيها، فالريف عبارة عن مجموعة صغيرة جداً من الافراد التي تعيش في بقعة صغيرة مسّورة بالطبيعة التي تبعث في روح الشباب الضجر، مثل الضجر الذي شعرت به عزيزي القارئ لمجرد قراءة تعريف للريف. لهذا ترى الشباب هناك يغادرون الى المدن راكضين على السكة الحديدية عوضاً عن انتظار القطار. منهم من يدهسه القطار وهم لازالوا في الطريق وآخرين تقتل روحهم

رحلة مليئة بالهروب

راح يتنقّل بين النوافذ ليعرف ايها مناسب اكثر، او ربما تمّ الامر بحبل من السقف….احتمالات عدة كانت تدور في رأسه والامور كانت تسير بشكل متسارع الى الهلوسة، حيث انتهى به الأمر بعد عدة ساعات، من معرفة الخبر، الى رؤية المرأة في كل زوايا غرفته، عازمةً على الموت.  سَكَنت عقله هذه الفكرة بعد أن علم بموت امرأة في منزله قبل سنتين. اراد ان يعرف شكلها، فبحث بين البريد المُتكّوم عند الباب على رسالة تعود الى ذلك الوقت لمعرفة الاسم والبحث عنه

امتداح الوحدة

وقف أمام شافيل رجل متوسط العمر بثيابه المهترئة، تبدو عليه مظاهر الخوف والجنون. وسأله ان كان من الممكن أن يصلي عند الباب لروح زوجته التي توفيت منذ سنتين في هذا المنزل، ازاح شافيل جسده من أمام الباب ولوّح بيده للغريب بأن يتفضل دون ان ينبس بكلمة، كما لو كان رجلا آليا بُرمِج ليعمل أمام صالة عرض الكترونية..رسم الرجل الصليب على الباب ثم شكر شافيل وأضاف انه يفتقدها وانه اليوم وحيدْ، وحيدٌ جداً. اخذ شافيل سحبة أخيرة من السيجارة التي انتهت

‎مؤخرة الموقع

‎القائمة الجانبية المتحركة